عندما كنت في اول متوسط (قبل حوالي 20 سنة ) حصلت على الترتيب الأول ، وفي بداية السنة الثانية ارادت ادارة المدرسة ان تكرم المتفوقين وتعمل كُتيب صغير يحتوي على اسماء وبعض المعلومات عن المتفوقين ، فأتاني المرشد الطلابي ومعه بيان فيه اسماء المتفوقين وامام كل اسم بعض المعلومات ومن ضمنها أمنية المستقبل حيث كان أغلب من سبقني يتمنى أن يكون طبيب أو مهندس وعندما اتى الدور عندي لم يكن في بالي حينها أي امنية معينة ( والحقيقة حتى لو تركوني سنة كاملة أفكر لن يكون في بالي شيء ! ) ، ولكني حاولت أن اعصر مخي بحثاً عن تميّز عن البقية وليس هدف لي وكتبت امنيتي ان أصبح (طيار) ! .
الموقف السابق اجده افضل مقدمة ظريفة أبدأ فيها مقال هذا الاسبوع .
قبل يومين تقريباً انتهت اختبارات الثانوية العامة وهمومها فنجح من نجح ورسب من رسب ، ولكن ماذا بعد ذلك ؟
فعندما يستلم الطالب شهادة وحصاد زرع دام اكثر من 12 عام ، في زراعه بمشاركة من الوالدين والاخوان ، حينها مالنتيجة النهائية ؟! واين الهدف والتوجه ؟!
اتذكر عندما تخرجت من الثانوية.. كان الموضوع بالنسبة لي شيء غير طبيعي وخاصة انها احد اصعب مراحل الحياة لدي مرت بسلام ولم يتبقى الا التوجه الذي يكون سبب (بعد توفيق الله) في تسهيل الوصول الى وظيفة مرموقة توفر دخل طيب لأسرة قادمة مستقبلاً ، كل ذلك كان التفكير الرئيسي بعد ان ظهرت نتيجة الثانوية العامة وخاصة ان التخصص العلمي والنسبة كانت تسمح لي بإختيار افضل التخصصات ، ولكن بصدق لم يكن توجهي الى تلك الامنية (الفارق ) التي ذكرتها في بداية المقال ، فالوضع تغير وموضوع (الطيران) معقد وفيه كلام وخاصة اني لا أعرف اين اجد الجامعة او المكان المتخصص في ذلك !
وبصراحة اكثر فقد نسيت موضوع الطيران من يوم كتبته في كُتيب التفوق !!
حتى غير الطيران لم تكن في مخيلتي أي تخصص معيّن يعني بالعربي (ماني عارف شيء بذاته ! ) ، كان عندي شهادة ثانوية (تخصص علمي) وكان معدلي مرتفع نسبياً يعني لا مجال لشيء غير الطب أو الهندسة او الحاسب او الصيدلة ليس رغبةً مني بل حفاظاً على كرامة المعدل والشهادة التي حصلت عليها !
كان الذهن مشوش فشخصياً لا يوجد انسان اكبر مني يوجهني ، ومكانياً لا يوجد قريب حينها الا كليات المعلمين أما بقية التخصصات ففي جامعات المدن الكبيرة وبدأت الرحلة مع زملائي ، حينها حملنا احلامنا ورغباتنا المشوشة قبل العديد من الصور والاوراق المطلوبة للتسجيل وفي كل مكان يستقبلنا نضع بعض الاوراق المصورة المطلوبة ، ودارت الايام وذهب كل منا لرزقه وما كتب له ، كلاً على حسب شهادته وظروفه ولكن قلة قليلة منا توجهوا الى حسب ما ارادوا وخططوا له !
والمشكلة الكبرى تكمن في شيء بسيط شكلياً ، وهو انه لازال طالب الثانوية العامة يفتقد التوجيه لمرحلة ما بعد الثانوية العامة وبيان اهمية هذه المرحلة المصيرية في حياة الشخص ، ولا يوجد مناهج او برامج او محاضرات او ندوات تفك شفرة مرحلة ما بعد الثانوية العامة وتفتح الباب الصحيح للمكان المناسب !
وماعليك اخي القارئ إلا سؤال أي طالب ثانوي عن رغبته بعد الثانوية العامة ماذا يريد ان يكون تجد نسبة كبيرة منهم لا يعلموا وإذا علموا فهم يسعون للوصول الى التخصصات المشهورة كـ( الطب والهندسة وغيرها ) حتى انهم لا يعلمون ما في هذه التخصصات وماهي اهم تفرعتها او اكثر الفروع فيها طلباً في سوق العمل ، ولكن ماذا عن اصحاب التخصصات الشرعية هل يتوقفون عن البحث بعد الثانوية العامة ؟ ويكتفون بهذه الشهادة وخاصة ان الظاهر حالياً ان هناك شيئاً من الاكتفاء عملياً في التخصصات النظرية ؟!!
اشياء كثيرة يمتلئ بها عقل خريج الثانوية العامة فبعد الهم والتعب والسهر ظناً منه أنه انتهى تجده يدخل مرحلة اخرى اصعب من المرحلة السابقة ودهليز آخر اكثر تعقيد وصعوبة وتجده يعود مره اخرى للتعب النفسي والبدني من جديد بل انه اشد من سابقه !
من ذلك وغيره اقول يتبادر الى ذهني بعض الاقتراحات ومنها :
- إضافة مواد دراسية تعطى لطلاب الثانوية العامة بدءاً من أول ثانوي ( حتى لو كانت بدون درجات واختبار) حيث يكون فيها شرح وافي عن أغلب مجالات العمل والتخصصات بعد الثانوية والفرص التقريبية لكل مجال .
- تعاون بين وزارة التربية والتعليم وبقية الوزارات بحيث يكون هناك معرض في ادارات التعليم في المناطق او في بعض المدارس ويكون أشبه بمعارض يوم المهنة ( الذي يقام في الجامعات وتجتمع فيه الشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية لتقديم بعض الفرص الوظيفية لطلبة الجامعات ) ، بحيث يكون في هذا المعرض حضور لجهات عدة حكومية وخاصة توضح لطالب الثانوي اهم التوجهات والفرص بعد الثانوية سواءً العملية او الدراسية .
- ورش عمل او حصص لا منهجية في المدارس ويكون فيها بعض التطبيقات العملية لأهم مجالات العمل .
أعتقد تطبيق مثل هذه الإقتراحات قد يعطي فرصة أكبر وتفكير اكثر وضوح لطالب الثانوي في الرؤية القادمة بدلاً من الوضع الحالي والتشويش الكبير ، فكثيراً من الطلبة لم يبذل الجهد الكافي لأجل انه يريد التخرج من الثانوية باي نتيجة والبحث عن أي وظيفة قريبة من وجهة نظرة ، فربما لم يجد وربما وجد ثم لم يرق له هذا العمل وفات عليه الشيء الكثير وحينها من الصعب التعويض ، وقد يبذل البعض الجهد الأكبر لأجل الحصول على معدل عالي يخوله الدخول في أحد التخصصات الكبرى المشهورة ولكنه يصطدم بعائق اختبارات القبول وقد لايوفق ، ويتوقف عند هذا الحد ولا يعلم أين يتوجه بعد ذلك وهو ليس لديه أي دراية عن غير توجهه الأول !
كما أن القبول في تخصص ما ربما يعقبه صعوبة في داخل التخصص لم تخطر على بال الطالب مما قد يتسبب بضياع السنوات عليه في اخفاقات متتالية دون وجود حل آخر !
كل تلك الأمور احد اهم اسباب البطالة وتكدس الخريجون ، والتي تكون بدايتها من بذرة في فترة الدراسة وتنمو عندما تجد بيئة خصبة من الاهمال وتسقى بماء التخبط وعدم التخطيط الجيد .. حتى تصبح شجرة ضخمة لا يفيد معها في ذلك الوقت الا القطع والاجتثاث ولكنه حينها بالتأكيد سيكون اكثر صعوبة وتكلفة من إزالة البذرة !!
آخر سطر :
قيل : ((إيجاد الحلول السليمة لمحن ومشاكل وأزمات الشباب هو سر النجاح بإدارة المجتمع في تخطي أزماته وتجسيد وتحقيق آماله ))
قيل : ((إيجاد الحلول السليمة لمحن ومشاكل وأزمات الشباب هو سر النجاح بإدارة المجتمع في تخطي أزماته وتجسيد وتحقيق آماله ))
من يقراء هذه المقاله وهو في الثانويه هل يموت الطموح لديه ام يقوي الطموح
وشكرا مبدع يالمحيني
في الطموح وفهم الذات..متى نعثر على السعادة؟ كان الشاعر الفرنسي بودلير يرى أن الشقاء هو أن تجد ما اعتدت عليه. والسعادة أن تبحث عن الذي لا تعرفه،
ردود على ابوساره
[محمد]07-04-2010 06:26 AM
موضوع في قمه الروعه يا اخي خالد ..بصراحه الطلاب بعد الثانويه يعيشون نفس الحدث وانا من كذلك .. اسأل الله التوفيق الى الجميع واشرك جزيل الشكر