بين مصوت بالعشاء ومصور بالعشاء...!

في رسائل الاجلال تتبين فعول الرجال ، وبين طيات دفاتر التأريخ تتضح معاني الرجولة الحقة التي تُبنى على الرجولة والكرم وليست الفحولة والرُمَمٌ 1، خاصةً في زمن الهياط والتبرج والتبجح والتأرجح على نغمات الرجولة المزيفة ، بهذا المقال أحب أن أضع بعض النقاط على الحروف التي قد أضاعها البعض.

فأقول بعد حمد الله تعالى والثناء عليه رسوله [رمز] لم يدر بخلَدِ ابن مهيد – رحمه الله – 2 أن لقبه ذاك التي تميّز به على أقرانه (مصوت بالعشاء) سوف يزاحمه عليه فئام من الناس من الرجال والنساء وبعض الوسواس الخناس ، ولكن شتان بين أهل المرجلة وبين أهل المهزلة فلقد مرت أيام صاحبنا مصوت بالعشاء أياماً مريرة ومجاعة فاقت العقول والأبدان فبرز لها بكرمه المعهود فكان حاتم زمانه تقول النّوار امرأة حاتم : أصابتنا سنة اقشعرَّت لها الأرض، واغبرَّ أفق السَّماء، وراحت الإبل حدبًا حدابير، وضنَّت المراضع عن أولادها فما تَبِضُّ بقطرة ، وكذلك ابن مهيد حيث كان يرسل أحد رجاله في كل وجبة طعام فينادي بصوتٍ عالٍ (الزاد يالجيعان).

وشتان أيها الكرام بين مصوت العشاء وبين مصور العشاء هي حروف تفرق بعضهما عن البعض فمصور العشاء هو كريم وشهم ولكنه أعدم كرمه وشهامته بالتصوير والتشهير فالكرم دثار وليس شعار فكان مصورنا البديع يتفنن في طبخاته التي لم يساهم في وضع ملحها فضلاً عن طبخها ، وعزائمه التي أوهنت عزائمه يُحيّي ويرحب من هب ودب وهو مقفلاً باب بيته ورحابة صدره عن ضيوفه الإكرام ، مصور العشاء من هو كائن من كوكب زحل ولعل كرمه قد نحل ، أو لعله من كوكب عطارد وهو للضيف طارد ، الكرم والشهامة – ولله الحمد - لا زالت تُشرق شمسها كل يوم بلا مباهاة ولا مبادلة فالتصوير هو في الحقيقة استعراض للكرم وبين قوسين (يا ناس شوفوني) بل لعل من شافه ورآه ... بعينه رماه .... وقتيلاً وصريعا أرداه ذلكم الكرم المزيف والطِيِبْ الأجوف فالكرم لا يُذكر فإذا أُحصي ذهب رونقه وحلاوته وجماله .

قال الشاعر:

أفسدت بالمنّ ما أسديت من حسنٍ *** ليس الكريم إذا أسدى بمنان

قال رجل لابن شبرمة: فعلت بفلانٍ كذا وفعلت به كذا. فقال: لا خير في المعروف إذا أحصي.

فلم يدر بخَلَدُ مصور بالعشاء أن يخلده الزمان في هذه المقالة ولو كان في زمن مصوت بالعشاء لم يكن له في مجالس الرجال مبتغى رحم الله اخو قطنة وغفر الله له خلده التأريخ وهو لا يسعى للتخليد ، وهدى الله تعالى مصور بالعشاء لكل خير وجعله من نسل الرجال الأكارم اسعد الله أوقاتكم بكل خير نختم بهذه الأبيات التي قالها الشاعر فهد بن صليبيخ هذه القصيدة بالشيخ مقحم بن مهيد ( مصوت بالعشا ) وكان قد لجأ له وهو في أوج عـزه فمدحه بعدد من القصائد وأكرمه وزوجه واعطاه بيت وعدد من الأبل والخيل ومن قصائده بالشيخ مقحم هذه القصيدة :

سنين الغلا يذكـر كما يذكـر الـريـف *** ومن يمهـم جتـنا العـلوم النضافي

أنتـم هـل المعروف والجبر بالسيف *** وللفضـل يـا عـز الهـواشل ملافـي

جـدك مصـوت بالعـشـا بالشفاشيف *** وبعض المشايخ ياخوقطنه عوافي


محبكم / محمد كياد المجلاد