الأستاذ محمد حوران العنزي يكتب لعرعر اليوم مقال بعنوان "صمت المُتعفّفين .. وجعٌ لايُقال" - صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم


صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم





 

الأخبار
اخبار منطقة الحدود الشمالية
الأستاذ محمد حوران العنزي يكتب لعرعر اليوم مقال بعنوان "صمت المُتعفّفين .. وجعٌ لايُقال"

الأستاذ محمد حوران العنزي يكتب لعرعر اليوم مقال بعنوان

06-14-2025 05:47 PM
عرعر اليوم :
في زمنٍ باتت فيه المظاهر هي المقياس الأول للحكم على الناس، يُنسى أحياناً أن خلف المظهر قد تقبع حكايات من الحاجة والصبر والتعفف والألم . نرى أشخاصًا بأبهى هيئة، نُخطئ فنحسبهم في بحبوحة من العيش، لكن الحقيقة قد تكون عكس ما نراه تمامًا.

كثيرون أولئك الذين ضيّقت عليهم الحياة، فاختاروا التستر بكرامتهم. لا يمدّون أيديهم، ولا يشكون بثّهم لأحد ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ) ،
بل يخفون ألمهم بابتسامة، ويخبئون حاجاتهم خلف صمتٍ ثقيل. ( لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ ) ، بل يتعاملون بكامل أناقتهم النفسية والخُلُقية، وكأن لا شيء ينقصهم. وهنا تكمن المفارقة البصرية التي نخدع بها أنفسنا ، حين نظن أن كل من بدا قادرًا، فهو كذلك حقًا.

هذه الفئة، التي يُطلق عليها في القرآن الكريم وصفًا بديعًا
( يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ )
تستحق منّا شيئاً واحداً أن نُراعي حين نطلب، نُراعي حين نستضيفهم داخل أو خارج البلد ، نُراعي حين نُلمّح أو نُصرّح بتكاليف أو سفر أو مشاركات.
لا نعلم إن كانت فوق طاقتهم أم لا.

فمن الناس يُرهق حياءً، لا عجزاً . يُجابِه المواقف مُجبراً ، ويخجل من أن يعتذر أو يُبيّن عذره، فتزيد عليه الأعباء وهو ساكت. وقد نكون، دون أن نشعر، سبباً في تضييق الخناق على شخصٍ نحبه، فقط لأننا لم نُقدّر ظروفه المخفية.

في زمن الصورة والواجهة، لا بد أن نُعيد إحياء قيمة "التمهل في الحُكم"، ونربي في أنفسنا حسّاً داخلياً يُدّرك أن ليس كل ما يُرى يُعبّر عما هو كائن. فخلف الملابس الأنيقة قد تسكن أرواح مُثقلة ، وخلف السيارات الفارهة قد تتراكم الديون، وخلف الدعابة والابتسامة، وجعٌ لا يُحكى.

إنّ كرامة الإنسان قد تدفعه ليخفي حاجته حتى عن أقرب الناس إليه، لا استعلاءً، بل حفاظاً على ماء وجهه. فليكن تعاملنا مع الآخرين مشبعاً بالرحمة، مليئاً بالتقدير، خالياً من الافتراضات.

وفي ختام القول إنّ تعفف الناس لا يُسقِط عنّا واجب التّفهّم، بل يزيده. فمن لا يسأل، ربما هو الأحق بأن يُسأل عن حاله، لا أن يُكلّف فوق طاقته.
فلنكن رفقاء بالبشر، حسّاسين لما وراء الكلام، مُدركين أنّ الكرامة قد تمنع السؤال، وأنّ الأناقة لا تعني الغِنى، وأنّ التظاهر بالقوة لا يعني غياب الألم. اجعل لطفك فطنة، وتعاطفك حكمة، وتعاملك مع الآخرين مبنياً على الرحمة لا على الظن.



كتبه الأستاذ :

محمد بن حوران العنزي

تعليقات 0


خدمات المحتوى


تقييم
0.00/10 (0 صوت)




Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

صحيفة عرعر اليوم
الرئيسية |الأخبار |المقالات |الصور |البطاقات |الفيديو |راسلنا | للأعلى