06-11-2025 08:56 AM ليس من رصانة الفكر ولا من عدالة النظرة أن يضيق مفهوم (رجل الدولة) ليحصر في السياسي أو صاحب المنصب، فرجل الدولة الحق هو من يوقظ الوعي، ويزرع في القلوب عشق الوطن، لا من يكتفي بتوقيع الأوراق واعتلاء الكراسي فحسب، فالمثقف هو من يخط حدود الهوية بحبر القصيدة، ويجسد الروح الوطنية في لوحة، ويحاكي الوطن بصوته وأدوات فنه، إذ إن الفن ليس زينة لوقت فراغ، ولا الغناء عبثاً عابراً، ولا الرسم لعبة ألوان، بل هي وسائط خالدة لصناعة وجدان الشعوب، فالدولة التي تخلو من ثقافتها، تخلو من روحها، تتحرك بلا إحساس، وتنظم بلا انتماء، ومن يزدري الشعراء، ويسخر من المغنين، ويهمش الرسامين، لا يدرك كيف تنمو الأوطان من داخل الإنسان، وخالد الفيصل ليس إلا شاهداً، إذ لم يكن رجل دولة لأنه أمير فقط، بل لأنه شاعر ومثقف، جعل من صوته منبراً، ومن قصيدته قراراً، ومن فنه مشروع وطن، فكيف يستهزأ بالفن، وهو نبض الأوطان وشرف الإحساس. إن الثقافة تحرس ذاكرة الدولة كما يحرسها الجندي على الثغور، والفن يعمر قلوب المواطنين حين تتآكلها صراعات الحياة، وليس الأثر بالمنصب، بل بالمعنى، وليس المجد بالسلطة، بل بالبصمة، فالفنان الصادق هو من يرسم تراب وطنه ليخلده، ومن لا يرى في المثقف إلا زينة، فقد أعمى نصف بصره عن الدولة، لأن رجال الدولة الحق هم أولئك الذين يكتبونها، ويرسمونها، ويغنون لها، ويمنحونها عشقاً لا يشترى. وفي الختام، فإن كل صوت وطني، وكل ريشة مخلصة، وكل بيت شعرٍ نابع من القلب، هو لبنة في جدار الدولة. 📝 بقلم: عبدالله ضحوي الشمري ![]() خدمات المحتوى | تقييم |