من قصص التراث يحكى أن رجل من البادية توفي وله مال كثير أبل وغنم ومن البنين أربعة ولم يريدوا أن يتقاسموا الميراث لأنهم في الأصل شركاء به قاموا على خدمة والدهم برعايته والدفاع عنه .

أكبر الأبناء اسمه غمّيض ، وكان غميض هذا شديد البخل لايحب أن يعطي شيءبعكس أخوته الثلاثة الذين كانوا على قدر من الكرم وحسن المعشر ، ونظرا لثرائهم فكانوا بعض أبناء القبيلة إذا أرادوا عطية أو منيحة أو قرضا يلجأون لهم ، وكان الثلاثة كرماء يعطون كل من يطلب منهم ،وعندما يطلب منهم رجل ويكونون غير راضين عنه لايرفضون طلبه مباشرة ولكن يقولون ب(شف أخونا الكبير حنا بكيف غميض )وبالتأكيد غميض يرفض أي طلب من هذا النوع جملة وتفصيلا .

في قضايا العصر والمشكلات المعاصرة من حروب وفتن داخلية التي تتطلب تدخلا دوليا من الدول العظمى ،فإن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا يتدخلون إن أرادوا دون العودة إلى مجلس الأمن أو استشارة روسيا فقد احتلت الولايات المتحدة وبريطانيا العراق واسقطوا صدام دون موافقة مجلس الأمن ، وضرب الولايات المتحدة يوغوسلافيا وهي الحليف الأقرب لروسيا وقسمتها إلى دويلات دون موافقة مجلس الأمن وروسيا ودخلوا ليبيا دون موافقة روسيا ومجلس الأمن ،ودخلت فرنسا مالي وفعلت مافعلت بنفس الطريقة ، ولكن إن لم يريدوا التدخل (خدمة لمصالحهم التي يعرفونها جيدا ) فإنهم يستشيرون روسيا ويصرون على موافقتها ؛ التي ترفض دائما .
وخير مثال مانراه كل يوم في سورية فقد بلغ عدد القتلى المعلن عنهم حوالى مئة ألف قتيل ولازالت أمريكا وحلفاؤها يصرون ويطلبون موافقة روسيا على تدخلهم في سورية ،وروسيا بطبيعة الحال ترفض هذا الطلب لغاية في نفسها .

لا أعلم لماذا تذكرت مواقف هذه الدول وربطتها بالقصة التراثية اعلاه لتظهر لنا السياسة المعاصرة غميض جديد اسمه بوتين .