خيركم (2) - صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم


صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم

صحيفة عرعر اليوم





 

04-03-2012 12:12 AM

سعد شايم
سعد شايم


خيركم ( الجزء الثاني )


خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقاً
الأخلاق الفاضلة عنوان الخيرية والفضيلة

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فصلاح الأفراد والأمم مرده إلى الإيمان والأخلاق

صلاح أمرك للأخلاق مرجعه *** فقوِّم النفس بالأخلاق تستقم

وضعف الخلق أمارة على ضعف الإيمان، وإذا أصيبت الأمة في أخلاقها فقل عليها السلام

وإذا أصيب القوم في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتماً وعويلاً

ولعظم شأن الخلق الفاضل بعث الله به أنبيائه ورسله فقد صح في الحديث عن النبي ^ أنه قال: « إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق» وفي رواية: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» والحاكم والبيهقي في «شعب الإيمان» وابن سعد في «الطبقات» من حديث أبي هريرة ؤضي الله عنه.

ولذلك كان المؤمن ذو الخلق الحسن أكمل المؤمنين وخيرهم عند الله وعند عباده.
عن أبي هريرة يقول سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : «خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقا إذا فقهوا» أخرجه الإمام أحمد والبخاري في «الأدب المفرد» بسند صحيح

وصح عن ابن عباس : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : «خياركم أحاسنكم أخلاقا الموطؤن أكنافا و إن شراركم الثرثارون المتفيهقون المتشدقون» أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وصححه الشيخ الألباني.

وعن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس أحسنهم خلقاً» أخرجه الطبراني في المعجم الكبير وصححه الألباني .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال لم يكن النبي صلى الله عليه و سلم فاحشا ولا متفحشا وكان يقول خياركم أحاسنكم أخلاقا» متفق عليه
فهذه الأحاديث ونظائرها يحث فيها النبي صلى الله عليه وسلم على حسن الخلق في التعامل مع الناس وأن خيار المؤمنين هم ذوو الخُلُقِ الحسن مع الخَلْق بالبشر والتودد والشفقة والحلم عنهم والصبر عليهم وترك التكبر والاستطالة ومجانبة الغلظة والغضب والحقد والحسد وأصل ذلك غريزي وكماله مكتسب.

قال الإمام النووي: في هذا الحديث الحث على حسن الخلق وبيان فضيلة صاحبه وهو صفة أنبياء الله تعالى وأوليائه قال الحسن البصري حقيقة حسن الخلق بذل المعروف وكف الأذى وطلاقة الوجه قال القاضي عياض هو مخالطة الناس بالجميل والبشر.اهـ
وقد أمر الله بالتعامل بالتي هي أحسن وهذا من حسن الخلق قال تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً) (الإسراء : 53 )

في هذه الآية يأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة؛ فإنه إذ لم يفعلوا ذلك، نزغ الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة، فإن الشيطان عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم، فعداوته ظاهرة بينة؛ ولهذا نهى أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة، فإن الشيطان ينزغ في يده، أي: فربما أصابه بها.

وقال تعالى:
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ) (المؤمنون : 96 ) وهذا إرشاد إلى التِّرْياق النافع في مخالطة الناس، وهو الإحسان إلى من يسيء، ليستجلب خاطره، فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة، فقال: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) ، وهذا كما قال في الآية الأخرى:
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت: 34، 35] .
أي ما يلهم هذه الوصية أو الخصلة أو الصفة (إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا) أي: على أذى الناس، فعاملوهم بالجميل مع إسدائهم إليهم القبيح، (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) أي: في الدنيا والآخرة.

قال الحافظ ابن كثير: قوله: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ) أي: فرق عظيم بين هذه وهذه، (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي: من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر رضي الله عنه ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
وقوله: (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) وهو الصديق، أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك، والحنو عليك، حتى يصير كأنه ولي لك حميم أي: قريب إليك من الشفقة عليك والإحسان إليك.
ثم قال: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا) أي: وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا من صبر على ذلك، فإنه يشق على النفوس، (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) أي: ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والآخرى. قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم.

وقد ورد في فضل حسن الخلق أحاديث كثيرة نورد نماذج منها :
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أحبكم إلي أحاسنكم أخلاقا الموطَّئون أكنافا الذين يَألفون ويُؤلفون وإن أبغضكم إليَّ المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الملتمسون للبُرَآءِ العيب » رواه الطبراني في الصغير والأوسط وحسنه الشيخ الألباني .

وقوله: (الموطؤون أكنافا) بصيغة اسم المفعول من التوطئة وهي التمهيد والتذليل وفراش وطئ لا يؤذي جنب النائم والأكناف الجوانب أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذى .

2. وعن أسامة بن شريك قال : كنت عند النبي صلى الله عليه و سلم وجاءت الأعراب ناس كثير من ها هنا وههنا فسكت الناس لا يتكلمون غيرهم فقالوا يا رسول الله ما خير ما أعطى الإنسان قال خلق حسن» رواه البخاري في الأدب المفرد وابن حبان و الحاكم والبيهقي والطبراني ولفظه: قالوا من أحب عباد الله إلى الله تعالى قال «أحسنهم خلقا» وقال الحاكم صحيح على شرطهما ولم يخرجاه وصححه الألباني
3. عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال «البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس » رواه مسلم والترمذي

4. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء وإن أحسن الناس إسلاما أحسنهم خلقاً». رواه أحمد والطبراني وإسناد أحمد جيد ورواته ثقات.

5. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن وإن الله يبغض الفاحش البذيء» رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي حديث حسن صحيح وزاد في رواية له «وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة» ورواه أبو داود مختصرا قال «ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق»

6. وعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم والقائم» رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرطهما .

7. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله بحسن خلقه وكرم ضريبته» رواه أحمد والطبراني في الكبير وصححه الألباني .

8. وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حَسَّنَ خُلُقَه» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن. والزعيم الكفيل.

9. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة»؟ فأعادها مرتين أو ثلاثاً! قالوا نعم يا رسول الله قال «أحسنكم خلقا » رواه أحمد وابن حبان في صحيحه. وللترمذي وحسنه نحوه عن جابر.
10. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن» رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح

11. وعن عبد الله بن عمرو قال : «أربع خلال إذا أعطيتهن فلا يضرك ما عزل عنك من الدنيا حسن خليقة وعفاف طعمة وصدق حديث وحفظ أمانة». أخرجه البخاري في الأدب المفرد وقال الشيخ الألباني : صحيح موقوفا وصح مرفوعاً، يعني من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

12. وعن أبي هريرة يقول قال النبي صلى الله عليه و سلم : «تدرون ما أكثر ما يدخل النار قالوا الله ورسوله أعلم قال الأجوفان الفرج والفم وما أكثر ما يدخل الجنة تقوى الله وحسن الخلق » أخرجه البخاري في الأدب المفرد الترمذي وابن حبان في صحيحه والبيهقي في الزهد وغيره وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب قال الشيخ الألباني : حسن

13. عن أم الدرداء قالت : قام أبو الدرداء ليلة يصلى فجعل يبكى ويقول اللهم أحسنتَ خَلْقى فحسِّن خُلُقى حتى أصبح فقلت: يا أبا الدرداء ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق فقال يا أم الدرداء إن العبد المسلم يَحْسُنُ خُلقُه حتى يدخله حُسْنُ خُلقِه الجنة ويسىء خلقه حتى يدخله سوء خلقه النار والعبد المسلم يغفر له وهو نائم فقلت يا أبا الدرداء كيف يغفر له وهو نائم قال يقوم أخوه من الليل فيتهجد فيدعو الله عز و جل فيستجيب له ويدعو لأخيه فيستجيب له فيه. أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
قال الله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف : 199 )
قال العلماء: هذه الآية جامعة لحسن الخلق مع الناس، وما ينبغي في معاملتهم، قال هشام بن عُرْوة، عن أبيه: أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس. وفي رواية قال: خذ ما عفي لك من أخلاقهم.

وفي صحيح البخاري، عن هشام، عن أبيه عروة، عن أخيه عبد الله بن الزبير قال: إنما أنزل (خُذِ الْعَفْوَ) من أخلاق الناس وفي رواية ابن جرير عن ابن الزبير: (خُذِ الْعَفْوَ) قال: من أخلاق الناس، والله لآخذنه منهم ما صحبتهم. عن مجاهد في قوله : (خذ العفو ) قال: عفو أخلاق الناس، وعفوَ أمورهموأعمالهم بغير تحسس.

وهذا أشهر الأقوال، ويشهد له ما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن أمي بن ربيعة مرسلاً قال: لما أنزل الله، عز وجل، على نبيه صلى الله عليه وسلم: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا يا جبريل؟" قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك. وسنده ضعيف.

قال ابن جرير: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس بالعرف وهو المعروف في كلام العرب، مصدر في معنى: المعروف.يقال: أوليته عُرْفًا، وعارفًا، وعارفةً، كل ذلك بمعنى: المعروف و من المعروف صلة رحم من قطع، وإعطاء من حرم، والعفو عمن ظلم. وكل ما أمر الله به من الأعمال أو ندب إليه، فهو من العرف. ولم يخصص الله من ذلك معنى دون معنى; فالحق فيه أن يقال: قد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباده بالمعروف كله، لا ببعض معانيه دون بعض. وأما قوله : ( وأعرض عن الجاهلين )، فإنه أمر من الله تعالى نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يعرض عمن جهل. وذلك وإن كان أمرًا من الله نبيَّه، فإنه تأديب منه عز ذكره لخلقه باحتمال من ظلمهم أو اعتدى عليهم.اهـ

فالذي ينبغي أن يعامل به الناس، أن يأخذ العفو، أي: ما سمحت به أنفسهم، وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق، فلا يكلفهم ما لا تسمح به طبائعهم، بل يشكر من كل أحد ما قابله به، من قول وفعل جميل أو ما هو دون ذلك، ويتجاوز عن تقصيرهم ويغض طرفه عن نقصهم، ولا يتكبر على الصغير لصغره، ولا ناقص العقل لنقصه، ولا الفقير لفقره، بل يعامل الجميع باللطف والمقابلة بما تقتضيه الحال وتنشرح له صدورهم.
(وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) أي: بكل قول حسن وفعل جميل، وخلق كامل للقريب والبعيد، فاجعل ما يأتي إلى الناس منك، إما تعليم علم، أو حث على خير، من صلة رحم، أو بِرِّ والدين، أو إصلاح بين الناس، أو نصيحة نافعة، أو رأي مصيب، أو معاونة على بر وتقوى، أو زجر عن قبيح، أو إرشاد إلى تحصيل مصلحة دينية أو دنيوية، ولما كان لا بد من أذية الجاهل، أمر اللّه تعالى أن يقابل الجاهل بالإعراض عنه وعدم مقابلته بجهله، فمن آذاك بقوله أو فعله لا تؤذه، ومن حرمك لا تحرمه، ومن قطعك فَصِلْهُ، ومن ظلمك فاعدل فيه.
وقال الله تعالى في صفة عباده الصالحين :

(أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ* وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (القصص :54- 55 ) وقال تعالى : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) (الفرقان:63) (القصص :54- 55 )

هذه صفات عباد الله المؤمنين (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا) أي: بسكينة ووقار من غير جَبَرية ولا استكبار، كما قال: (وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً) [ الإسراء : 37]. فأما هؤلاء فإنهم يمشون من غير استكبار ولا مرح، ولا أشر ولا بطر، وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى من التصانع تصنعًا ورياء، فقد كان سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحط من صَبَب، وكأنما الأرض تطوى له. وقد كره بعض السلف المشي بتضعف وتصنع، حتى روي عن عمر أنه رأى شابًا يمشي رُويدًا، فقال: ما بالك؟ أأنت مريض؟ قال: لا يا أمير المؤمنين. فعلاه بالدرة، وأمره أن يمشي بقوة. وإنما المراد بالهَوْن هاهنا السكينة والوقار، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" متفق عليه .

وقوله: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا) أي: إذا سَفه عليهم الجهال بالسّيئ، لم يقابلوهم عليه بمثله، بل يعفون ويصفحون، ولا يقولون إلا خيرًا، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً وروى الإمام أحمد عن النعمان بن مُقَرّن المُزَني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [وسبّ رجلٌ رجلا عنده، قال: فجعل الرجل المسبوب يقول: عليك السلام. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إن ملكًا بينكما يذب عنك، كلما شتمك هذا قال له: بل أنت وأنت أحق به. وإذا قال له: عليك السلام، قال: لا بل عليك، وأنت أحق به. " إسناده حسن، كما قال ابن كثير.

وقال مجاهد: (قَالُوا سَلامًا) يعني: قالوا: سدادًا.وقال سعيد بن جبير: ردوا معروفًا من القول.
وقال الحسن البصري: (قَالُواسَلامًا) ، قال: حلماء لا يجهلون ، وإن جهل عليهم حلموا. يصاحبون عباد الله نهارهم بما تسمعون ، ثم ذكر أن ليلهم خير ليل.

يتبع بمقال قادم ان شاء الله ...

سعد بن شايم
مدير الدعوة والارشاد بمدينة عرعر


خدمات المحتوى


التعليقات
#26873 Saudi Arabia [ولد الفلنطي]
04-03-2012 08:05 AM
جزاك الله خير ياشيخ

اللهم أجعلنا من من تحبهم وترضاهم يارب العالمين

[ولد الفلنطي]

#26888 Saudi Arabia [فهد العنزي]
04-03-2012 01:41 PM
الأخلاق الجميلة تحبب الناس بصاحبها ومن يحبه الناس فإن رب العالمين يحبه ويرضى عنه







اللهم استر عيوبنا بأخلاقنا

[فهد العنزي]

#26894 Saudi Arabia [طالب علم]
04-03-2012 01:50 PM
سعدت بالمقال وتمت طباعته لأن يوجد به أشياء جميلة وأنصح القراء بالاستفادة من هذا الدرس اللي قدمه شيخنا





وياليت ياشيخ ماتحرمنا من مثل هذه المقالات المهمة جداً

[طالب علم]

#26946 Saudi Arabia [حلالي]
04-04-2012 01:20 PM
شكراً لك ياشيخ سعد شايم الله ياشيخ




الله يبارك فيك

[حلالي]

#26966 Saudi Arabia [طلال العنزي]
04-04-2012 07:31 PM
باااااااااااااااااااارك الله فيك
















وكثر من أمثالك والله محتاجين أن نراجع حسابتنا في تعاملنا وفي أخلاقنا وأقصد هنا الأخلاق عند التعامل مع الآخرين



الله يحسن خاتمنا ويسترنا

[طلال العنزي]

#26981 Saudi Arabia [عبدالله العنزي]
04-05-2012 01:07 AM
جزاك الله خير

[عبدالله العنزي]

#27039 [أعرابي]
04-05-2012 09:32 PM
الخلق الحسن هو الفارق بين كل البشر فأرى إيمان الإنسان و كمال عقل الإنسان
بكمال و جمال الخلق فقط لا بمكانته و لا بشكله ولا بإهتماماته
والمؤمن يعرف بخلقه مثل الإحترام و التواضع و الطيبه و حلاوة اللسان

[أعرابي]

#27128 Australia [الواضح]
04-07-2012 09:59 AM
بآرك الله فيك يآشيخ سعد
نحن في وقت فتنة
توآجدكم الدآئم ونصحكم لنا

مهم جدآ

أدآمك الله

[الواضح]

#27296 [شمالي]
04-09-2012 01:20 PM
إن الأمم الأخلاق بوركت شيخنا سعد وجزيت خيرا

[شمالي]

تقييم
10.00/10 (2 صوت)




Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.

صحيفة عرعر اليوم
الرئيسية |الأخبار |المقالات |الصور |البطاقات |الفيديو |راسلنا | للأعلى